Archive for 22 ماي, 2011

يا روح امك..يا مصر..!!

ماي 22, 2011

هل بالفعل إذا تحققت أحلامنا نكتشف أنها مجرد خيبات جديدة؟ هل حين نصل إلى اللحظة التي نريدها تزداد تعاستنا بتحققها؟ كأننا في اللحظة التي بدأنا نشعر بها بالسعادة تتلاشى منا.. هل حُكم على الانسان بالتعاسة الابدية ؟..هل خوفنا دائما يقوض شكل أحلامنا حين تتحقق فلا تعود تنتمي إلينا..؟

منذ أسبوع وصلت إلى مصر ..القاهرة ولم تكن هذه المرة الأولى التي أرى فيها مصر بعد الثورة، فقد فعلت في شهر ابريل حين توجهت إلى بلجراد، ولكني لم أكتب لحظتها لأنني لو كتبت كنت سأظلم الثورة كثيرا فلم تعد مصر هي مصر، ولم يعد الهواء ورائحة الاشياء وشكل المقاهي كما كان، ولم أرَ سحر الكرامة على وجوه الناس وفي تصرفاتهم كما توقعت، بل كل ما في الموضوع أن غرور الشباب إزداد وأصبحت لهم حكايات الزنازين متلازمة وهو ما أعتبره مهماً لأني أعاني من الأعراض ذاتها!! لكنه ليس كافيا من وجهة نظري، ووقتها فكرت أنه لو استمرت ايام الثورة ال18 يوما لتتمدد إلى سنين كان سيتغير المجتمع من الداخل بما يشمل نفسية أفراده وسلوكياتهم، وكنت بحاجة الى الرجوع مرة اخرى لمصر كي أكتب عن ما بعد الثورة،  وها انا الان هنا لأعرف عن ماذا أكتب بالضبط؟ وهل التيه الذي أعيشه هو بالفعل يعيشه الثوار كما كتب أحدهم على تويتر، ان كل يوم يمر بعد الثورة مثل دقيقة خلالها بمعنى أن لكل وقت يمر تأثيره وتبيناته المفجعة لأصحاب الثورة قبل مراقبينها من الخارج.

“هو حلم استمر 18 يوما وانتهى”، هكذا قالت احدى ناشطات الثورة وبالفعل هو حلم انتفاضة مصر وانتهى برحيل مبارك، لتأتي بعده متتاليات الخيبة : السلفيون ومعهم الاخوان، الجيش، المحاكمات العسكرية للثوار والناشطين، التهاون في محاكمة الفاسدين، تكسب بعض اصحاب الثورة من الثورة، الخلافات والانشقاقات بين الشباب.

وشيئا فشيئا اصبحت ثورة مصر تشبه لعنة على اصحابها وهذا ليس اختراعي بل هي خطة دقيقة ولئيمة يعمد إليها المجلس العسكري المصري من خلال تشويه المظاهرات والربط بين التظاهر والبلطجة وتخريب البلد إلى درجة أنني سمعت سائق تاكسي  كنت أستقله اليوم يعلق على اثنين يتشاجران  في الشارع” أهو ده الي اخذناه من الثورة”، وفكرت في كلامه هل فوضى الفراغ او فوضى التعبير اذا صح القول هي بسبب الثورة ام انها ضرورة حتمية للثورات كي يحدث التغيير الحقيقي؟ هل يجب علينا الانتظار قبل ان نظلم الثورة ونحاكمها ام ان هذا الانتظار خطير وسط تحكم المجلس العسكري الذي تحول إلى جلاد يقوض الثورة من اساسها ؟ .

ان ثوار مصر بحاجة إلى تجديد العهود مثلما يفعل بعض الازواج حين يجددون عهود زواجهم ليأكدوا على الاخلاص والحب، ولكن الى متى سيبقى مسلسل تجديد العهود اذا لم تُغرس اعمدة الثورة والمبادئ التي اصروا عليها عميقا في الحاضر كي يتغير كل ما هو قادم..

تجديد العهود سيكون يوم الجمعة القادم الموافق 27-5-2011، ولكن أخشى على الثوار من بطش الجيش فبعد دفاعه المستميت عن السفارة الاسرائيلية -رغم أنه فشل في حماية الكنائس من الحرق- أثناء مظاهرات الزحف أمامها ومقتل متظاهر قبل يومين متأثرا بجراحه، أصبح الجميع  يخشون من أن يفعل الجيش ومعه المجلس العسكري كل شيء من أجل أن يثبتوا أنهم يتحكمون بالبلد..

اذا كانت التشكيلة الثقافية الجديدة لمصر تقول أن السلفيين لهم مكان، وبالتالي يجب أن نستوعب عنفهم ولو مؤقتا فهم مثل اسد فتحت له الثورة القفص، واذا كان الاقباط الذين هم ايضا يحاولون أخذ مكانهم بقوة ويتظاهرون عند مبنى ماسبيرو ليقولوا للسنة “كفاكم كرها لنا ” وأرى أن هذا الكره اتاحته لهم حرية التعبير عن المشاعر بعد الثورة فقد فكت لجام كل المشاعر السلبية والايجابية اتجاه المواطنين بعضهم البعض، وهذا بالطبع لا تلام عليه الثورة ولا الثوار..ولكن يجب أن يعرفوا كيف يتعاملون معه والا سيزداد عدد الصيادين في المياه العكرة..وأرجع إلى سؤال الحيرة الاول : اذا كان كل من هؤلاء يبحث عن مكانه؟ فأين أنت يا مصر؟ما الذي نريد ان تكون عليه مصر الحقيقية؟..

يوم الجمعة الماضية 13-5-2011 ذهبت إلى ميدان التحرير من أجل جمعة فلسطين وأصابني الغثيان من الشعارات التي كان يرددها مئات الألوف، شعارات كان يحثهم عليها صفوت حجازي أحد قيادات الاخوان المسلمين والذي احتل المنبر يومها ووصفه احدهم انه أكثر تطرفا من محمد حسان “ملك السلفية”.

شعارات لا تنتمي الى فلسطين التي نريدها ويصاحبها عصبات  للرأس يرتديها شباب المراهقة الاسلامية مكتوب عليها جيش محمد، لأنهم يريدون فلسطين اسلامية، هل نسوا التنوع الديني في فلسطين والتي هي مهبط الأديان الثلاثة؟ أم أنهم لا يدرون؟ من قال اننا نريد الحرب والقتل والانتقام ليأتي الثوار الاسلامويون  بأحلامهم لتحريرنا بالحرب ثم يأسلموننا، وآخرون باحلامهم الشيوعية الوردية لتحريرنا عبر الحرب أيضا .

“خيبر خيبر يا يهود..جيش محمد سوف يعود” هذه أيديولوجيا يحاول الثوار فرضها على تاريخنا وليس شعارا غاضبا وحسب هذا ما لم يفهمه معظم الثوار وهذا ما دفعني أيضاً للصراخ في وجه احدهم وهو يتشدق بأنه قادم لتحريرنا “يا روح امك..مش عاوزينكم تحررونا”..وبالطبع كان قصدي ما قاله الثائر جيفارا “لا وجود للمحررين..فالشعوب وحدها هي من تحرر نفسها”.

يبدو أن “عجقة” الثورات جعلت الثوار يستعجلون الانتفاضة الثالثة التي أرى أنها حادت الثورات العربية عن هدفها ألا هو التغيير وخوض شعوبها حربا مع قادتهم الفاسدين فما اسهل من ان يعطي الاسد الضوء الاخضر كي يعبر المتظاهرون إلى حدود قرية مجدل شمس في الجولان المحتل، فيصبح هو المناضل بدلا عن الدكتاتور الفاسد، واعتقد اننا بحاجة  الى التركيز اليوم على نجاح ثوراتنا الداخلية والدخول الى الربيع العربي الحقيقي، دون ان يكون ربيعا يخفي في داخله خريفا عجوزا مرعبا..

إذا لم تنجح الثورة في سوريا فلن تنجح في أي مكان بل سيتوقف هوي أحجار لعبة الدومينو ..وسيفشل الشعب في اليمن والبحرين وليبيا ..وتصبح خيبة مصر بعد الثورة أمرا هيناً مقارنة بهزيمة الثورات في بقية الدول..وسيكون علينا ان نتجرع الالم دون ان ننطق بحرف واحد نحن شباب آذار ويناير وفبراير ..الابناء الحقيقيون لأعظم الثورات ..

ولن تستطيع واحدة مثلي فخورة بغرور الشباب العربي خاصة بعد أن عرفنا حجم طاقاتنا ان تنظر في عيون الظالمين والفاسدين مرة أخرى، وحين ارى صورا  للقذافي كما صدمتني في صربيا على جدران بلجراد علي ألا أزيلها بل امشي من تحتها بصمت وخجل….وليس كما فعلت يومها حين نزعتها بعنف وانا “ابرطم” اللعنات..ومن يعلقها بالطبع هم أعضاء الحزب الصربي اليميني الذي يناصر القذافي لان حلف الناتو الذي يضربه الآن ضربهم من قبل اثناء جرائمهم في البوسنة..

بدأنا منذ الآن نحمل ثوراتنا على أكتافنا ونمضي بها مغامرين ونفاخر بها كأنها من الماضي..كلها ارهاصات خوف وقلق من مستقبل مجهول ..ربما سيكون علينا نحن الشباب ان نخرس للابد ونرفع كلمة ثورة من القاموس ..لذلك علينا ان ننقذ ثوراتنا من حماسنا الزائد واحلامنا التي بمجرد تحققها تنتابنا الكوابيس..

أنتظركم وأنتظركن

أسماء الغول

القاهرة 22-5-2011

صالح..لا تصالح؟!! من والدي إلى شقيقه الأصغر المتنفذ عسكرياً..

ماي 6, 2011

 

لقد اخترتَ التحريض ضدي وضد أبنائي – وخصوصا ابنتي أسماء- عند العائلة ومجلسها الموقر بدون إعطائي فرصة الدفاع عن النفس رغم أنني أسكن معك في نفس البناية،  وأنا اخترت الرد عليك هنا لنحتكم لدى عموم الشعب الفلسطيني.. وليس عند عائلة طويتها تحت جناحك بالترغيب والترهيب والتضليل، وسُقتها لقمة سائغة لتنظيمك لتتسلق على ظهرها درجة أعلى، ولم يتبق من خراف شاردة إلا عوض وذريته..لا تثنيهم عصا الراعي،  ولا تغريهم جزرته.

  أهنت ابني على معبر رفح ومنعته من الالتحاق بجامعته في مصر، وحاولت الاستيلاء على بيتي بعد أن حولته إلى مخزن عتاد ومقر تعبئة ومكتب تحقيق لولا بعض العقلاء في العائلة،  كما لم تتورع عن نشر (إعلان براءة !!) ضدي وضد ذريتي، أضف إلى ذلك غض الطرف عن سجن وضرب ابني مصطفى وابنتي أسماء والتهديد المتكرر بالإبعاد أو القتل، ونشر الاشاعات والافتراءات بحقهما، ومن ثم استدعائي لمقر الأمن الداخلي للتحقيق … وما زال مسلسل المظالم مستمرا حتى تحرير فلسطين من النهر إلى البحر.

   لقد أثمرت نضالاتك .. أخي!!، وهاجر مصطفى يبحث عن كرامته التي منحها الله له (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آَدَمَ)الإسراء، وتوقفت أسماء عن مهنتها الصحفية ومصدر رزقها، ولم يتبق غير تنفيذ تهديدك بفصلي من الجامعة لنأتي صاغرين راكعين ساجدين بين يديك بحثا عن كوبونة، ويهنئك مسؤولك على الانتصار الساحق الماحق، ونتلقى نحن التعازي في الوطن…

…..آآآه  يا وطن.

   وااااوطناه …خَفَتَ صوت الحرة أسماء، وتعالت أصوات المستعبدين لرتبهم ومرتباتهم وكروشهم، ووجدتُ نفسي أتسلل متطفلاً على الكتابة الأدبية بعد أن قضيت عمري في الهندسة ..أحاول التقاط قلمها الشجاع بيد مرتجفة واستكمال مسيرتها.

   نعم..أعترف.. يدي وقلبي يرتعشان لأن الأولاد والمسؤوليات والوظيفة تدجن البشر وتُجبّنهم وتستعبدهم.

  أحاول أن أستكمل مسيرة ابنتي رغم أنه جرت العادة أن يواصل الأبناء مسيرة الآباء، ولكني ورثت ! عن ابنتي شجاعة الخروج عن النص والسياق والتقليد.

  وأُحذّر القراء المخلصين لمدونة ابنتي الكاتبة (أسماء الغول) أن كتاباتي لن تحمل نفس الجودة وروح التحدي والتحرر والإثارة..إضافة إلى أن توجهاتي إسلامية بامتياز. .إسلامية وليست حمساوية، والفرق كبير بالطبع : فالإسلام موجود منذ إبراهيم عليه السلام: (إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ دِينًا قِيَمًا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا) الأنعام، ويستوعب كل الأمم التي مرت -وسوف تمر- عليه، ومنفتح على كل  البشر( وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا)الحجرات، مهما اختلفوا ثقافيا وعرقيا (وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ..)الروم،  بينما لم تكمل حماس عقدها الثالث، وتنغلق على أطرها الحزبية الضيقة وتجافي الآخر الغير متحمسن.

   وهذا التوجه الإسلامي يدفعني لاستمالة الناس إلى ديني بالحكمة والموعظة الحسنة -كما أمرني ربي- مهما بلغ طغيانهم (اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى (43) فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى(44)طه، وذلك لأن العناد والتحدي والسباب والتحريض يدفع الناس إلى المكابرة و التمترس خلف آرائهم حتى لو ثبت خطؤها.

   وعليه أتوجه إليك – شقيقي- بكل الحب والإخاء الذي زرعه فينا المرحوم أبي/أبوك (الحاج أبو خليل)، وأعود معك إلى ذكريات الانتفاضة الأولى:-

  كانت قاعة المحكمة العسكرية ممتلئة والكل يترقب (قاهر الزنازين) الذي صمد شهرين تحت التعذيب بدون الاعتراف بشيء يذكر، وحضر أصغر أخوتي  التسعة..وحبيبي-آنذاك واليوم!؟- محاطا بثلة من جنود الاحتلال، ولم يمنعه ذلك من رفع قبضتيه المكبلتين بالتحية، مستخفا بالهيبة المصطنعة للمحكمة وجنودها.

  كيف يتحول قاهر الزنازين إلى سجّان وجلاد؟ ولمن!؟…لشعبك وأهلك وناسك!! هذا الشعب الذي سيظل مرابطا يقدم التضحيات حتى بعد اندثار فتح وحماس، فهذا قدر الشعب الفلسطيني في أرض الرباط إلى يوم القيامة.

   خذ العبرة من جيراننا المصريين:-

 لماذا أحرق الشعب المصري مقرات أمن الدولة ؟..لأنها لم تكن فعلا أمن دولة بل أمن سلطة وزعيم وحزب حاكم،  بينما استقبل الدبابات بالورود لأنه كان فعلا جيش الدولة.

   لو أن الأمن الداخلي وقبله الأمن الوقائي كانا مؤسسة وطنية حرة، تحرص على أمن الشعب وليس على ضمان استمرار حكم الحزب الواحد..لحماها الناس بصدورهم العارية مهما تغيرت الحكومات بانتخابات او/و انقلاب أو/و  ثورة أو/و حرب ( !!؟) .

   أعود لذكريات المحكمة : قضت المحكمة بالسجن ثلاث سنوات  وغرامة مالية كبيرة، وعندما عجز التنظيم الفقير ماليا في بداياته عن دفعها وجمعتها العائلة ..أعلنت تخليك عن التنظيم، وأردت – كما أبلغتني شخصيا- الاعتذار من كل صاحب محل أحرقته خدمةً للتنظيم… وانطويت في عملك كمدرس ملتزم.. متواضع.. خلوق ..محبا للناس ويحبه ويحترمه الجميع.

   أغروك مرة أخرى – عندما انهالت الأموال عليهم- برتبة وراتب دسم وحرس شخصي وسيارات ….إلى آخر قائمة المظاهر المادية الفارغة من المضمون، ولكنها غريزة حب التملك لدى كل إنسان والتي يحميها بالحديد والنار وبالطبع يحمي في السياق أولياء هذه النعم.

 .. أُقرّ معك بأن المقاومة – أو بالأحرى الإعداد للمقاومة – هو هدف سامي وواجب شرعي خصوصا بعد فشل مشروع التسوية، (  وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ) الأنفال،..ونعم –أيضا- أن الوحدة الوطنية في ظل التنسيق الأمني هي دمار لمشروع المقاومة…ولكن الغاية لا تبرر الوسيلة؛ لا تبرر مطلقا الاعتداء بالضرب المبرح على النساء والشيوخ والصحفيين والمحامين…إلى آخر قائمة النخب في المجتمع، والمفارقة المبكية أنه في نفس اللحظة التي يعتدي فيها مسلمون على إخوانهم المدنيين..يجتمع العالم الغربي المسيحي (الضال- في أدبياتكم-!) لجمع العدة والعتاد والرجال لحماية المدنيين المسلمين في ليبيا!!!.. …واااإسلاماه.

    …ما فائدة أن نسترد القدس ونخسر صورة الإسلام كدين رحمة وعدل ومساواة وتسامح وحرية. كل أنظار العالم وكاميراته موجهة إلى غزة تراقب وتحلل وتضخم كل ما يفعله الإسلام عندما يحكم. دعونا نستغل هذه الدعاية المجانية ونُسوّق الإسلام، ونجعل الأولوية للجهاد الأكبر. لنتعلم من البدوي البسيط (ربعي بن عامر) الذي يشرح الإسلام لرستم قائد  الفرس أمام 280ألف من جنوده : ( ابتعثنا  الله لنخرج العباد من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد، ومن ضيق الدنيا إلى سعة الدنيا والآخرة، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام..)ا

    لنبين للعالم رقي وتحضر وعزة الإسلام الحقيقي عندما يسود ويحكم في منطقة مهما تقلصت مساحتها. لنترك السياسيين الحكماء المحنكين الذين عركوا الحياة وعركتهم  لتولي الأمور، وليرجع العسكر إلى الجبهة والخنادق والثكنات. لا يمكن أن نأتي بمجاهدين بكل انضباطهم والتزامهم واستعدادهم للشهادة أو القتل..  ليديروا بلدا فيها المؤمن والمشرك، والمسلم واليساري والمسيحي والملتزم  والصالح والطالح…والمهم أنهم جميعا – بل إننا جميعا –بشر خطاؤون ( كل ابن آدم خطاء) حديث شريف، والمعصوم الذي لا يرتكب ذنبا هو جنس آخر بين البشر والملائكة..ولنستمع لوصف الله -عز وجل- للمؤمنين الذين يحبهم (وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (134) وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ (135) )آل عمران، وطبعا المعنى واضح؛ أنه يستثني الذين لا يرتكبون الذنوب من هذه الفئة المحبوبة

  هكذا خلقنا الله بشر مذنبين مزودين بغرائز دنيئة وشهوات شبقة ونفس أمارة بالسوء، وأحاطنا بالمغريات والأباليس ليختبر صبرنا ويقيس مدى خشية الله في قلوبنا ( إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا (7) )الكهف، لا نستطيع – ولا يُعقل أصلا- أن نجبر كل الناس على سلوك ما نعتقد أنه الطريق القويم ..أو حتى مجرد الإيمان بوجود الله (لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ)البقرة، فهذا ضد سنة الله في خلقه (لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ (3) إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّمَاءِ آَيَةً فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ (4))الشعراء . (لَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ)النحل، المائدة،  يجب أن يستقر الإيمان في القلب من الداخل وليس فرض من الخارج لكي يُصدّقه العمل، بل إنه- سبحانه- وهبنا حرية الكفر به لكي يكون إيماننا عن إرادة حرة وقناعة راسخة ( فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ)الكهف. وتذكُر جارنا..ذلك الشاب المراهق الذي يجبره أبوه على الصلاة في المسجد كل الأوقات بالضرب أو بالمكافأة ثم يجده على سطح البناية يتحرش بالأطفال.

  دائما المؤمنين حقا بدون أي شائبة شرك ..هم أقل القليل.. حسب الإحصاءات القرآنية(وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ (103) )يوسف، وهؤلاء الأقلية ليست كلها خالصة الإيمان (وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ (106)) يوسف..وحماس – كباقي البشر- لا يمكن أن تحيد عن سنة الله في خلقه لأن (اللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (21))يوسف. فعندما كانت حماس أقلية في المعارضة رأينا فئة مؤمنة مخلصة تضحي بالقادة قبل الجنود .. فأحبها وانتخبها أكثر الناس، وفازت بالسلطة والحكم والثروة..ثم ركب موجتها كل ذي حاجة وأضحت أكثرية، وهنا يجب أن يتوقف المخلصون القدماء فيها ويتساءلون:  هل من الممكن أن تتغير سنة الله في خلقه وتصبح الأكثرية في غزة هي الفئة المؤمنة حقا؟؟ وإذا كانت الإجابة بالنفي .. فأخشى أن معظم الذين تقاطروا على حماس وتسلقوا المناصب والكراسي هم أصحاب مظاهر إيمانية خارجية، ولا صدى حقيقي لتقوى الله في قلوبهم.

   والسؤال المهم: ماذا يمكن أن يفعل في البلاد والعباد  من لا يخشى ربه إذا ملك السلطة والقوة؟!..والأهم.. ماذا يمكن أن يفعل في صورة الإسلام التي يترقبها العالم منا؟.

يا أخي….سألتك بالله أن تدعني وأبنائي وشأننا، فالضلوع الرقيقة الهشة لأسماء/ابنتي/ رَحمك.. لم تعد تحتمل هراواتكم..وانشغِل عنا بما لديك وهو كثير ويحتاج كل وقتك  وتركيزك ومهاراتك في التعبئة والكيد والمكر والتخطيط :-

–   لديك مسؤولية مدينة رفح والتي  تزخر وتفخر بأكبر نسبة من المهربين والعملاء ومروجي المخدرات والشواذ.

–    لديك  الدبابات على عتبة المدينة، وبساطيرهم على رقابنا وعيونهم تبحلق في عوراتنا ( أقصد الزنانات) ونحن نسترجل على بعضنا, ونتفاخر مَن عضوه أطول ( أقصد لسانه) (إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا (36).)النساء

–   لديك ثلاث صغيرات جميلات ذكيات، أحسن تربيتهن وادخل بهن الجنة، ودعك من بنات الغير و أولادهم (عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ)المائدة.

  هل تذكر تيسير ( شقيقي/شقيقك ) عندما رمى بنفسه للموت وفداني بروحه لينقذني من هراوات جنود الاحتلال؟. كيف تتصور أن ألتزم الصمت وأنا أرى بنيَّتي  تُسلب روحها الحرة ويُحطم قلبها الشجاع ولا أحرك ساكنا ؟..و الضنا غالي يا نعيم ..غالي..أغلى من الأخ.

   لا أريد ليديك النظيفتين أن تتلوث بدمي/دمك.. لأن قطع الأرزاق من قطع الأعناق…كما أربو بسيرتك العطرة وطلعتك المهابة أن تتشوها بخربشات يميني/ يمينك .. لأنه حتى القط  الأليف المسالم إذا آذيته طويلا يستل أظافره ويهاجم ويخربش.

   نحن أسرة بسيطة غير متحزبة، نعيش على ستر وكفاف وفيض الكريم، ولا ننافس أحدا على سلطة أو مخترة أو وجاهة عائلية، ولا نؤذي حتى قطة.

سيبنا فحالنا ياخوي الله يرضى عليك.. حِلّ عنّا ..وسلم أمرنا لله يحاسبنا بمعرفته.

   لم يُعيّنك الله  نائبا أو وكيلا لمراقبة الناس ومحاسبتهم.

( فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ وَعَلَيْنَا الْحِسَابُ (40))الرعد

  ( وَمَا جَعَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ (107)الأنعام، (لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُسَيْطِرٍ (22)) الغاشية، وهذه التعليمات من القيادة العليا موجه للقادة الميدانيين على الأرض ..أكرم خلقه ..أنبيائه ورسله  …فمن أنت؟!..بل من أنتم !!؟ أمام عظمة محمد وعيسى وموسى وابراهيم -عليهم جميعا الصلاة  والسلام -.

                   *              *              *              *

   وللحديث بقية إذا وجد طريقه لآذان صاغية، أما إذا اصطدم بهراوة الجلاد فادعوا لي بالتثبيت فإنني الآن أُسأل.

أبو…أسماء عوض الغول

كُتبت ونشرت أول مرة يوم..

15/4/2011